responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 153
الضَّرْبَةِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْعُضْوِ مَسْحًا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ضَرْبَةِ الْأَرْضِ مِنْ مُسَمَّى التَّيَمُّمِ شَرْعًا، فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الْمَسْحُ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ غَيْرُ قَالَ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [النساء: 43] وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ» أَمَّا عَلَى إرَادَةِ الْأَعَمِّ مِنْ الْمَسْحَتَيْنِ كَمَا قُلْنَا أَوْ أَنَّهُ أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَسْحًا أَوْ ضَرْبًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي مَوْضِعِ الْغُبَارِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ يَجُوزُ وَلَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَظَهَرَ الْغُبَارُ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ وَنَوَى التَّيَمُّمَ جَازَ وَالشَّرْطُ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْهُ. اهـ.
وَهَذَا يُعَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَخْرَجَ الضَّرْبَةَ مِنْ مُسَمَّى التَّيَمُّمِ، وَأَمَّا مَنْ أَدْخَلَهَا فَلَا يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ بِهَا فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ إذَا لَيْسَ فِيهَا ضَرْبٌ أَصْلًا لَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَا عَلَى الْعُضْوِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالضَّرْبِ الْفِعْلُ مِنْهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ ضَرْبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا إذَا نَوَى بَعْدَ الضَّرْبِ فَمَنْ جَعَلَهُ رُكْنًا لَمْ يَعْتَبِرْ النِّيَّةَ بَعْدَهُ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ رُكْنًا اعْتَبَرَهَا بَعْدَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ شُلَّتْ كِلَا يَدَيْهِ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ اهـ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يُيَمِّمَهُ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ الْآمِرُ فَلَوْ ضَرَبَ الْمَأْمُورُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ بَعْدَ نِيَّةِ الْآمِرِ ثُمَّ أَحْدَثَ الْآمِرُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ بِحَدَثِ الْآمِرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي شُجَاعٍ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِحَدَثِ الْمَأْمُورِ لِمَا أَنَّ الْمَأْمُورَ آلَةٌ وَضَرْبُهُ ضَرْبٌ لِلْآمِرِ فَالْعِبْرَةُ لِلْآمِرِ؛ وَلِهَذَا اشْتَرَطْنَا نِيَّتَهُ لَا نِيَّةَ الْمَأْمُورِ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَكَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ أَنْ يَضْرِبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَنْفُضَهُمَا فَيَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَلَّ ثُمَّ يَضْرِبُ يَدَيْهِ ثَانِيًا عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَنْفُضُهُمَا فَيَمْسَحُ بِهِمَا كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ كِلَيْهِمَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا يَضْرِبُ يَدَيْهِ ثَانِيًا وَيَمْسَحُ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى ظَاهِرُ يَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِكَفِّهِ الْيُسْرَى بَاطِنَ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الرُّسْغِ وَيُمِرُّ بَاطِنَ إبْهَامِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ؛ لِأَنَّ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعْمَلِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، فَإِنَّ التُّرَابَ الَّذِي عَلَى يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالْمَسْحِ حَتَّى لَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ مَرَّةً وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ بَاطِنِ الْكَفِّ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ يُغْنِي عَنْهُ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشُّمُنِّيِّ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ هَلْ الضَّرْبَةُ بِبَاطِنِ الْكَفَّيْنِ أَوْ بِظَاهِرِهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا بِظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْوَاوِ أَوْ إذْ لَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ الذَّخِيرَةِ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهَا ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَفْظُهُ تَنْبِيهٌ فِي الذَّخِيرَةِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَضْرِبُ عَلَى الْأَرْضِ ظَاهِرَ كَفَّيْهِ أَوْ بَاطِنَهُمَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَضْرِبُ بَاطِنَهُمَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى ظَاهِرِ كَفَّيْهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْمَسْحِ عَلَى ظَاهِرِ كَفَّيْهِ إذَا ضَرَبَ بَاطِنَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ اهـ ثُمَّ قَالَ قُلْت وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَفِّ بَاطِنُهَا لَا ظَاهِرُهَا اهـ.
وَهَكَذَا فِي التَّوْشِيحِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ ذَكَرَ مَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ مِنْ التَّصْحِيحِ.

وَسُنَنُ التَّيَمُّمِ سَبْعَةٌ إقْبَالُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ وَضْعِهِمَا عَلَى التُّرَابِ وَإِدْبَارُهُمَا وَنَفْضُهُمَا وَتَفْرِيجُ الْأَصَابِعِ وَالتَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِهِ وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ ذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ فِي الْمُبْتَغَى وَالْبَاقِيَةَ فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْضُهُمْ أَطْلَقَ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الِاسْتِحْبَابَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْفُضُهُمَا مَرَّةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَرَّتَيْنِ، وَهَذَا لَيْسَ كَالزَّيْلَعِيِّ بِاخْتِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ تَنَاثُرُ التُّرَابِ إنْ حَصَلَ بِمَرَّةٍ اكْتَفَى بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ يَنْفُضُ مَرَّتَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ]
(قَوْلُهُ: فَيَمْسَحُ بِهِمَا كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ) أَيْ وَيُمِرُّ بِبَاطِنِ إبْهَامِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى قَالَ الْعَارِفُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ وَهَذِهِ الصُّورَةَ حِكَايَةُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «تَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَكَذَا رَوَى جَابِرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ التُّرَابَ الَّذِي عَلَى يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالْمَسْحِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُسْتُعْمِلَ بِأَوَّلِ الْوَضْعِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُجْزِئَ فِي بَاقِي الْعُضْوِ، وَإِلَّا يُسْتَعْمَلْ بِأَوَّلِ الْوَضْعِ كَالْمَاءِ لَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْعَارِفُ فِي شَرْحِ هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقِيلَ يَمْسَحُ بِجَمِيعِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فِي مَحَلِّهِ كَالْمَاءِ اهـ.
وَلِذَا عَبَّرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ إشَارَةٌ إلَى تَجْوِيزِ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا صُورَةً لَا حَقِيقَةً وَلَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ مَرَّةً إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى) قَالَ فِي النَّهْرِ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ الْجَوَازَ حَاصِلٌ بِأَيِّهِمَا كَانَ نَعَمْ الضَّرْبُ بِالْبَاطِنِ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ الذَّخِيرَةِ إلَخْ) أَقُولُ: رَاجَعْت الذَّخِيرَةِ فَرَأَيْته ذَكَرَ الْعِبَارَتَيْنِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْعِبَارَةَ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ وَظَاهِرِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا يَصِيرُ رِوَايَةً أُخْرَى بِخِلَافِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ اهـ مَا رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ أَقُولُ: وَهَذَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاوِ وَحَقِيقَتُهَا تَأَمَّلْ.

[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]
(قَوْلُهُ: وَسُنَنُ التَّيَمُّمِ سَبْعَةٌ إلَخْ)

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست